الفائدة الأكبر للقراءة

كُلٌ منّا له نظرته الخاصّة للحياة, إنَّ كُلاً منّا له عدساته التي ينظر من خلالها الى الأشياء. ولهذا السبب، فكلٌ منّا يرى الأشياء بشكلٍ مختلفٍ عمّا يراه أيّ شخصٍ آخر. إنَّ كل واحدٍ منّا له نظرته التي تطوّرت بما قد مرّ عليه في حياته (تجاربه) وظروفه، فهو يرى الأشياء من جوانب هو قد عايشها، ومواقف قد رآها في حياته.

إنَّ كُل نظرة مختلفة لشخصٍ ما لها زاوية مختلفة ترى منها الأشياء، ذلك أنَّ القيم والبناء الفكري مختلف من شخصٍ لآخر.

ماذا ترى؟ هل ترى الشابة التي ترتدي قلادة؟ أم إنَّك ترى العجوز ذات الأنف الكبير؟ نفس الصورة يمكن أن يراها شخصان بشكلٍ مختلف تمامًا. (مصدر الصورة: كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعاليّة لستيفين كوفي)

الآن ما هي فائدة القراءة الأكبر؟

إنها تجعلك تنظر بعدساتٍ جديدة للعالم من خلال الكتب (وهنا أعني الكتب القيّمة، والقراءة العميقة لهذه الكتب).

إنها تجعلك ترى الأشياء بجوانب جديدة مختلفة لم تكن تراها سابقًا.

تجعلك تملك أدوات تفكير جديدة لتتعامل مع الحياة.

جعلتني قراءتي لروبيرت غرين أرى المعارك الإجتماعيّة وحروب السطوة التي تحدث بين الناس. وعلمتني قراءتي لنسيم طالب أن أرى كيف يكون الناس حقيقيّين أو مزيفيين. علمتني قراءتي للفلسفة الرواقيّة أن أرى الناس كعبّاد للرغبات أو متحررين منها.

إن هذا يجعلك أكثر رغبة بالتعلم (الفضول Curiosity) فهو يجعلك متحمسًا للتعلم أكثر، من أجل أن تنظر للأشياء بعدساتٍ جديدة، مختلفة.
حين ترى الحياة بعدساتٍ جديدة تصبح أكثر تواضعًا بشأن ما تعرفه.

إنَّ المعرفة لا حدود لها، وإنَّ نظرتك محدودة بزاوية ظروفك وتجربتك والناس اللذين تحتك معهم ومصادر المعرفة التي أطلّعت عليها.

لذلك فإنَّ أكبر فائدة للقراءة هي إنارة جوانب جديدة تنظر فيها الى نفس الأشياء، نفس الناس، بشكلٍ جديد.

إنَّ كل كاتب له رؤيته للحياة، له نظرته المختلفة للأشياء، ترى ذلك في أسلوبه في طرح أفكاره، نظريته التي يقول بها، تقييمه للأشياء، وغيرها.

قد يحدث أن تصب نظريات بنفس الإتجاه، لكنّ النظرة الأصيلة Original تبقى مختلفة، وهذه النظرة (العدسات) هي ما يعطيك الجانب الجديد (فمثلاً قد يقول كاتبان بنفس الشيء، لكنّ كُلاً منهما له تجربته الخاصّة، ونظرته الخاصّة التي توصل من خلالها الى رأيه).

هذه دعوة لأن تختار أقيَّم الكتب لكي تقرأها، الكتب التي كُتبت من خلال تجربة حقيقيّة، فمهما كان إختلاف هذه التجربة، فإنَّ لها من الصواب شيء.
أخيرًا: بالتأكيد ليست القراءة هي المصدر الوحيد لترى الحياة بنظرة مختلفة، وتنظر بعدساتٍ جديدة للواقع، لكنها المصدر الأفضل ربما.